Friday, December 20, 2013

ربع قرن من العطاء

لكل عمر اماني .. وباختلاف العمر تختلف كل الأماني .. الصغير يتمنى لو يكبر عن صغره .. والشاب يتمنى لو يثبت على شبابه .. والكبير كم يتمنى لو عاد الى صغره! ولا احد منهم يحصل على ما يتمناه...

ربع قرن من العطاء تنقلت في كل مراحله من الرضاعه الى الطفوله ثم المراهقة والشباب وحتى النضوج (ان حصل ذلك!)

ففي طفولتي كم أتمنى لو كنت ابن العاشرة لاكتب بالحبر بدلا من الرصاص .. وفي الثانيه عشر كم كنت اتمنى ان اكون ابن الخامسه عشر لاستخرج بطاقة الأحوال! وفي الخامسة عشر كم تشوقت لان اكون ابن الثامنة عشر للقيادة بشكل رسمي!

واخيرا عند بلوغ الثامنه عشر .. كم كرهت الثامنه عشر!! فرخصتي لم استخدمها سوى ثلاثة أشهر ولم يطلبها مني أي رجل مرور... حتى اخرجها في وجهه بكل ثقه لأثبت له أني قانوني... ولكن لا شيء من ذلك حصل... حتى قرب الموعد وحان وقت السفر! وفي المطار كم خجلت من ذلك التصريح الأصفر في اخر الجواز! وانا الذي ظننت انني برخصة قيادتي هذه وصلت أكبر أعماري! وعند وصولي لكندا... كانت الطامه... فالسن القانوني لأمور كثيره كان 19 وأمور أكثر 21... لم أطق الانتظار فحصلت بقدرة قادر على بطاقة مزوره تفيد بأني ابن الثانية والعشرين!! فعشت أجمل أيام تلك المرحله قبل ان ادخل فعليا في عمرها!! فلما اكملت السن القانوني لم اجد شيئا جديدا، فعشتها مرة اخرى!

اما اليوم وقد اكملت الخامسة والعشرين... كم اتمنى ان اكون طفلا بلا مسؤولية، بلا ضغوط، تسعدني أتفه الأمور... كم أتمنى لو لم اعش هذه المسؤولية التي أثقلت كاهلي، وأرقت مضجعي(أعانني الله على حملها)

لكنها سنة الحياة وما نحن فيها الا عابري سبيل للهدف الأسمى وهو الجنه .. اسأل الله ان يجمعنا فيها ومن نحب.

Saturday, August 10, 2013

ما حولك أحد

بسم الله الرحمن الرحيم


في ثاني أيام عيد الفطر المبارك... وبعد أن تفجرت الألعاب النارية بأعلى دويها، وأسطع أنوارها... اتصل بي أحد المسؤولين في العمل يبلغني عن حالة سرقة في أحد فروع الشركة. فذهبت إلى الموقع وليتني لم أذهب... رأيت وليتني لم أرى حالة السرقة! فكانت الإحترافية تفوق تلك التي نشاهدها بالأفلام والمسلسلات الأجنبية... أما المصيبة فلم تكن في السرقة ولا في ما سرق، بل كانت في ما بعد السرقة، وبعد أن طمأننا الشرطي خيرا ووعدنا بأن الجاني لابد ان يسقط في يد العدالة بعد أن تسجل الشرطة الجنائية الحادثة وترفع البصمات.ـ

انتظرنا في الموقع قدوم الشرطة الجنائية... الدقيقة تليها الدقيقة والساعة تليها الساعة حتى وصلوا بعد ثلاث ساعات من الحادثة... فكانت الطامة! فالمصور يده الاولى على الكاميرا والاخرى لم تنزل عن البلاك بيري يصور بالحسرة مكان ويترك عشرة أماكن! فقمت أدله بنفسي على أماكن التصوير!ـ

أما من يرفع البصمات... فحدث ولا حرج! فقد أتى لموقع الجريمة وصندوق القفازات خاوٍ على عروشه إلا قفاز واحد! رفع به البصمات عن الباب وما بجانب الخزنة (أو ما كان يسمى بذلك)... ولم يكلف نفسه برفع البصمات عن الدرج المكسور او المكتب المقلوب أو حتى أطراف القفل المهشم! فكما أعلم أنه كل ما زادت الأدلة كل ما زاد الاقتراب إلى المجرم!ـ 

أما زميلهم الثالث... فيبدو لي أنه مل من جلسة المكتب فقرر الخروج معهم! لأنهم كانوا ثلاثة أشخاص في سيارة لا تحمل إلا شخصين... أما عن الفائدة فلم يكن منه أي فائدة سوى أنه كان يحمل الكشاف!ـ  كون أن المصور كان مشغولا بهاتفه!ـ

فأي حماة للوطن كانوا هؤلاء؟ وأي مهنية هي تلك اللتي قدموها!؟ فوالله لم أرى إلا جناة تزينوا بلباس الشرطة الجنائية! أما السؤال الأهم: اذا كان رجال الأمن قد قضوا على الإرهاب منذ سنوات... فهل يعقل أن لا يقدروا على أمور بسيطة كهذه؟ 

إن كان هذا حالنا... فأبشروا يا معشر العاطلين... فلا حاجة للوظائف بعد اليوم! فالنظام أو ما يسمى بالنظام قد سهل لكم كافة السبل وهيأ لكم كل الظروف لتصبحوا حرامية وسارقين... اسرقوا وانتم الطلقاء فشرطتنا "ما حولك أحد"ـ

Thursday, August 8, 2013

أن يكون مختلف

بسم الله الرحمن الرحيم


أن يكون مختلف


في كل عام وفي كل عيد... يتكرر نفس المنظر نفس الحديث نفس المعايدات، وتتكرر نفس الابتسامات الصفراء! كل شيء يتكرر الا التاريخ وحده مختلف.


لم هذا التكرار الذي نصنعه بأيدينا ونعيده بأنفسنا عيد بعد عيد، وعام بعد عام!؟ لماذا الكدر... لماذا الهم ولمَ كل هذا الغم؟ لم كل ذلك وهو اليوم الأول بعد أيام مضت تنازلنا فيها عن طعامنا وشرابنا وباقي شهواتنا؟ فلم الإحساس بثقل هذه المناسبة؟

كلها اسئلة تراودني عام بعد على مدى سنوات سبع هربت بها عن طقوس وأجواء العيد... سبع سنين أبذل كل ما بوسعي لأهرب من
 هذا العيد. ومع ذلك لم أجد جوابا لأي من تلك الأسئلة... فعلمت أين الخلل. لذلك قررت أن اتوقف في البحث عن أجوبة لأسئلة نحن وضعناها لأنفسنا... لأسئلة لا وجود لها إلا في أنفسنا... قررت أن اتوقف وأمحو كل هذه الاسئلة.

فبدلا من الهروب قررت أن يكون هذا العيد مختلف... مختلف بكل المعايير... فقررت أن استرجع ذلك العيد الذي لطالما انتظرناه أيام الطفولة (من دون ألعاب نارية طبعا.. او شروخ كما كنا نسميها) فجهزت ثوبي الجديد... ولباسي الجديد... وذلك الحذاء (يكرم القارئ) الذي من شدة نظافته يلاحظة الماشي على بعد أميال وكل ذلك بعد أن هيأت نفسي في ليلة العيد لهذا اليوم الكبير.


أما في يوم العيد... فكانت الموجة على “ومن العايدين،،، ومن الفايزين ان شاء الله” اغنية تعودنا سماعها في صباح العيد... وكانت الدقلة اللامعة عنوانا لهذا الصباح وهذه المناسبة. وبعد أن نجحت في تغيير المظهر... قصدت الحديث فقطعت الكلام المعتاد، وغيرت المعتادة لأخرى جديدة تؤدي نفس الغرض. أما الابتسامة فحرصت أن لا تكون صفراء كالتي نراها في صباح العيد، بل بيضاء نابعة من داخل القلب...

أما في مساء العيد... فكانت العرضة هي وجهتي... احتفالا بهذه المناسبة العظيمة اعادها الله علينا وعليكم بالصحة والعافية! 


فيبقى السؤال.. لماذا لا نجدد حياتنا ولو بالأمور البسيطة، لماذا لا نغير من عاداتنا اليومية... لماذا نصر على الروتين القاتل حتى بتنا نكره كل تغيير وننبذ كل تجديد؟ لماذا الإصرار على النكد؟ هي أمور بسيطة نغيرها هنا وهناك... فتجدد حياتنا بشكل كبير... 


الحياة أقصر من نعودها على نمط واحد وروتين واحد واسلوب حياة واحد... فإلى أين السعي؟

Monday, January 7, 2013

إلى أين السعي

كثيرة هي القرارات التي تحتاج إلى شجاعة لاتخاذها، كثيرة هي القرارات التي تحتاج إلى عزيمة لمجرد التفكير بها، ليس لصعوبتها فقط ولكن لعدم معرفة تبعاتها، فتقع بين الطموح وبين الرضى عن الحال، فتقع بين الهمم وبين العواطف، إما ضحية الأول أو فريسة الاخر... إما أن تسعى لذلك أو تبقى على حالك. فماذا تريد؟ وأيهم تبتغي؟.
قراري اليوم كان أحد أصعب قراراتي، إن لم يكن الأصعب حتى الان... سنوات ثلاث عشتها أنتمى لهذا الكيان، لهذا المكان، ولهؤلاء الزملاء... عفوًا لم يكونوا زملاء، ولن يكونوا كذلك أبدا... بل هم إخوة وأصدقاء. قراري اليوم هو الابتعاد عن كل ذلك، الابتعاد عن العمل الذي لطالما أحببته وتعلمته حتى أتقنته... بل هو الابتعاد عن عالم الوظيفة والرئيس والمرؤوس وروتين العمل اليومي.
قراري اليوم... على ماذا بني؟ وما هي تبعاته...؟ ليتني أعرف اجابات تلك الاسئلة ليهنأ بالي فيخف همي ويزيل غمي ويهدأ قلبي ولكن كل ما أعرفه أني لطالما كفرت بكل ما يمت لفكرة "الأمان الوظيفي" بصلة! لطالما انتقدتها، لطالما كرهتها، وها أنا اتحداها اليوم، وقد تفرغت للأعمال الخاصة... ها أنا أتوكل على الله يقينًا بقولة (إن الله لا يضيع عمل عامل منكم) وقد قدمت الاستقالة راجيا من الله التوفيق... مؤمنًا بأنه لا نجاح بلا تعب، ولا ربح بلا خسارة... وها أنا اليوم موظف... ولكن مع وقف التنفيذ،،،
فإلى أين السعي؟

Monday, October 29, 2012

اياك أعني واسمعي يا جارة



بسم الله الرحمن الرحيم

اياك أعني واسمعي يا جارة

تختلف بيئات العمل باختلاف الأنظمة والقوانين من دولة لأخرى ومن اقتصاد لآخر. فنجد دول توفر كافة التسهيلات من أجل الحصول على بيئة عمل صحية للاستثمار التجاري تعود بالنفع على الاقتصاد والمواطن. وفي المقابل نجد دول اخرى تصعب كل عمل يؤدي إلى البيئة الصحية للعمل مع توفر كافة الفرص فيها فيعود بذلك الضرر على المواطن قبل الاقتصاد. فمنظومة الاقتصاد والمواطن غير قابلة للتجزؤ فبسقوط الأول من الطبيعي جدا سقوط الاخر. 

في المثال الأول، نجد دول تسهل جميع الأنظمة والإجراءات لافتتاح أي نشاط تجاري ومزاولته تحفيزا للمستثمر. فالقانون يدرس قبل أن يعتمد ومن ثم يطبق على الكبير والصغير على حد سواء فيعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم ويلتزمون بذلك. فبوضوح القانون وتطبيقه تزيد ثقة المستثمر والمستهلك فينشط الاقتصاد فنجد بذلك بيئة عمل صحية ومحفزة تؤدي إلى ابتكارات جديدة وتقنيات جديدة ومشاريع كثيرة جديدة! ايضا نرى بذلك، فرص عمل كثيرة أي بطالة قليلة، دورات مالية كبيرة وسوق عمل منظم وكبير بعود بالنفع على المواطن والاقتصاد.

أما في المثال الثاني، فحدث ولا حرج... فالأنظمة والقوانين تتفانى في التضييق على المنشئات الصغيرة والمتوسطة لإجبارها بالخروج من السوق. ويكون ذلك برفع التكاليف عليها وتقليل هامش الربح عن طريق أنظمة "بائتة" لا تسمن ولا تغني من جوع مما يجبرها على الاستعانة بخدمات المنشآت الكبيرة "والباهظة الثمن" مما يزيد الربح بشكل مهول لدى المنشآت الكبيرة ويقلله لدى غيرها. فبفعل النظام تقتل المنافسة لخروج الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة من السوق  أي بمعنى أصح "الغني يزيد غناً والفقير يزيد فقراً". علمًا أن المتضرر الأول من ذلك هو المواطن والاقتصاد فمن أبجديات الاقتصاد وفقًا "للبنك الدولي" أن اقتصاد الدول يستمد كامل قوته من المنشآت الصغيرة والمتوسطة قبل الكبيرة كون أن نسبة الصرف مقابل التوفير لديها أكبر (الدورة المالية) على عكس المنشآت الكبيرة والذي يزيد لديها الفائض فيزيد التوفير فبذلك تقل السيولة في السوق.

وباختلاف الاقتصاد في المثالين أعلاه تختلف النتائج. ففي المثال الأول، النظام مطبق على الجميع مما يؤدي إلى بيئة عمل منظمة وتنافسية تماما تعود بالنفع على الاقتصاد والمواطن ينتج عنها سعر معقول وعادل للسلع تفرضه المنافسة (فالتكاليف موزعة بشكل عادل على جميع الأطراف). أما في المثال الاخر، فنجد أن جميع الأنظمة تصب في مصلحة فئة معينة لا تعود بالنفع على سواهم عن طريق زيادة التكاليف وتحويلها بالكامل على المواطن (المستهلك) عن طريق أسعار سلع لا يفرضها سوى الجشع نتيجة نظام فاسد يطبق على الصغير والصغير فقط!

فإلى أين السعي؟

Monday, May 21, 2012

جنون التبعّية


بسم الله الرحمن الرحيم

جنون التبعيّة

التبعية هي الفشل في رسم مسار معين والسعي فيه لإدراك هدف ما يراد تحقيقه. وتعود أسباب الفشل في أمور يخرجها الشخص بنفسة عن محض ارادته بعدم السعي نحو أهدافه والبحث عن سبل تحقيقها. ويكون ذلك بتوكيل اشخاص اخرين لاتخاذ القرارات عنه ورسم مسار حياته. فبذلك لا يأخذ الشخص عناء البحث والسعي لتحقيق أهدافه، وفي المقابل لا يصل إلى مبتغاه (ثابت في مكانه). وللتبعية نوعان، تبعية علمية تكون مبنية على علم وأدلة وبراهين وتبعية جاهلية مبنية على اتباع وتقليد أعمى.

          التبعية العلمية هي كل اتباع مبني على علم شرعي مشروط بثبوت الحجة، ويكون ذلك عن طريق التحري في طلب المعلومة وسؤال أهل العلم عنها ومن ثم الشروع في الأمر. فقد ميزنا الله سبحانه وتعالى بنعمة العقل، والتي يجب شكره عليها والاستفادة منها في تمييز الأمور ومن ثم الاختيار وإلا لما ميزنا الله بها عن غيرنا من المخلوقات. وهذا الاتباع يكون وفق معايير معينه أهمها وجود الدليل القاطع كاتباع الله ورسوله كما جاء في القران الكريم (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}الحشر:7}

          أما التبعية الجاهلية والتي هي أشبه بالتقليد الأعمى والطاعة لأوامر شخص معين – كونه الشخص الفلاني – من غير دليل ولا حجه. فإن قال خيراً، قالوا كذلك، وإن قال شراً قالوا كذلك. وغالباً ما يقع هؤلاء الأتباع ضحايا من اعتقد بنفسة بلوغ مرحلة الكمال وانهم خلفاء الرسل، فيكون حالهم أشبه بمن قال الله عنهم في كتابه العزيز (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) }البقرة:{170 وهذا النوع من الأشخاص يسلب من نفسه حق الاختيار ويكون أشبه بالمُسَيَر فقد اختار ان يسلم القيادة لشخص ما ليقرر عنه باقي امور حياته. مثال ذلك:- المتصل الذي سأل "الشيخ المزعوم" والذي يظن فيه العلم العظيم، عن زوجته التي سافرت من غير علمه، فأمره "الشيخ" – على حد قوله – بطلاق زوجته! فلم يلبث المتصل إلا وأن أشهد "الشيخ" والمستمعين خبر طلاق الزوجة. المثال الاخر:- ذلك الداعية صاحب التفسير الخاطئ لحديث: ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) فالمفسّر في هذه الحالة فسّر الحديث "على هواه" على حد قول سماحة الشيخ صالح الفوزان خصوصاً وأن المفسّر هو أقرب أن يكون داعية أو واعظ من أن يكون فقيه تصل به المرحلة للتشريع وتفسير الاحاديث ولكن حديثي هنا ليس عن "الشيخ" ولا "المفسّر" بل عن الأتباع العمي الذين لم يلبثوا لحظه في تصديق ما جاء به "الشيخ" في مثالنا الأول و "المفسر" في مثالنا الثاني. فالشخص الأول طلق زوجته بناء على أمر شخص ما بدون أن يبحث عن الحجة، عفواً بل "الشيخ" هنا هو الذي طلق زوجة الرجل عن الرجل بعد ان استلم زمام الامور وتولى القيادة والاخرون صدقوا ما جاء به "المفسر" في مثالنا الثاني، بدون السؤال عن التفسير والتحري وراء ذلك، حتى أتت الحجه من أهل العلم.

          وتعود أسباب التبعية الجاهلية في مجتمعنا إلى أكثر من أمر، أهمها الخوف من اتخاذ القرار، فبذلك يكون التوكيل لأي شخص مستعد لاتخاذ القرار، لهذا تم استحداث مقولة "حط بينك وبين ربي مطوع" وان دلت هذه المقولة فهي تدل على جهل قائلها، ومصدقها والعامل بها. فعلى من يقع الخطأ في الحالات المذكورة سابقاً؟ "فالشيخ" في مثالنا الأول "والمفسّر" في مثالنا الاخر هم بشر، وكل بني آدم خطاء وإن كانوا يتحملون جزء من الخطأ ولكن الخطأ الأكبر يعود على ذلك الجاهل الذي صور لنا أفضل مثال في الاتباع الجاهلي بعد أن شرع في الطلاق وعلى كل من اتبع شخصاً اخراً من دون البحث والتحري عن المعلومة والتقصي وراءها سواء كان "صاحب الهوى" عفواً "المفسر" أو غيره من الناس.  
   

إن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمني ومن الشيطان... اللهم لا تجعلنا ممن قلت عنهم في كتابك } أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا{

Sunday, February 26, 2012

ادعاء المعرفة


بسم الله الرحمن الرحيم

ينقسم الانتقاد بشكل عام إلى نوعين الأول يكون بناء ويهدف إلى إصلاح أمر معين عند شخص ما، والآخر يكون هدام لا يوجد له أي هدف ولا يعرف له أصل. وفي الآونة الأخيرة كثر الانتقاد الهدام من شريحة كبيرة من المجتمع. فتجد هذه الشريحة دوما ما تنتقد أفعال الناس أياً كانت. تصرفاتهم، طريقة تعاملهم، أساليب حياتهم، حتى يصلون إلى ملبوساتهم. وآخر صرعة توصلت لها تلك الشريحة هي نقد أساليب التربية عند الأهل وباقي الأمور الحياتية، مع العلم أن معظم أفراد تلك الشريحة لم يتجاوز العقد الثالث من عمره. فما هي الأسباب، ومن هي تلك الفئة، وهل للتربية علاقة في ذلك!؟

الفئة هي كما ذكرت شريحة معينة من الشباب يظنون في أنفسهم أنهم هم المجددون وعلى أياديهم سيحصل التغيير ولا يقبلون أن يخالفهم أحد في الرأي والأمور لديهم لا تقبل أكثر من إجابة والأدهى والأمر أنهم يجدون في أنفسهم الكمال وكأنهم منزلين من السماء. فتجدهم ينتقدون هذا لعملة وذاك لعلمه وينتقصون من تلك لطريقة لبسها فالنقد والاستنقاص لديهم لا يتوقف على شيء معين أو مجال معين. وأفراد هذه الشريحة يعتدون بأنفسهم اعتداداً يسمى بالاعتداد الذميم بالنفس مما يجبرهم على الصعود على أكتاف الآخرين بأي طريقة كانت بهدف البروز. كما انه نقص مستفحل نتيجة الشعور بعدم الرضا عن النفس علاجه صعب أقرب منه إلى المستحيل. وغالب نقاشات هذه الفئة هي أمور حياتية لا يوجد لها طريقة صحيحة أو خاطئة ولو حاججتهم لما وجدت لديهم حجة أو دليل أو برهان.

أما السبب الرئيسي وراء بروز مثل هذه الشريحة هي التربية (ولا نتحدث عن أساليب التربية بشكل خاص) بل نتحدث عن أمور أثرت في معايير وموازين التربية. فمثلا التغير المفاجئ في الوضع المادي هو سبب لذلك، ردود الفعل الفكرية هي أيضاً سبب آخر لذلك. فتكون تربية الطفل مرت على أكثر من مرحلة وخلال تلك المراحل حدث تغير في مبادئ التربية لدى الأهل قد يؤدي إلى تغيير البيئة المخالطة مما يستدعي إلى بذل جهد أكبر لتقمص شخصية أخرى، فتتغير المبادئ لدى الأصل وتنعدم المفاهيم لدى الفرع. فيكون نتاج هذا التغير أجيال يعيشون في بحر التناقض ويصعب علاجهم كون أن مرضهم انتشر انتشار كبير "وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟" مع أني أجدُ الأمل في أن يصلح العطار من شعر بالداء وقصد الدواء، خاصةً الذي ما مرّ عليه من الدهر كأنه في حساب السنين شهر. فبالتالي لا يوجد حل لتغطية هذا النقص الذي بداخلهم سوى رداء الاستنقاص من الغير.

ولو رجعنا إلى البيئة التي تحيط بهؤلاء الأشخاص سواء كانوا من الأهل أو الأصدقاء لوجدناهم نماذج مكررة من بعضهم البعض. فكلهم يتشاركون في انعدام مفاهيم الاحترام، احترام الأكبر سنا، احترام الأكثر علما...إلخ. ويصل التقيّد بالأصل عندهم إلى حد العدم، فتجد كبيرهم يعبر عن أشخاص قريبين منه بشكل سيء ينقص من قدرهم فيتربى صغيرهم على نفس العادات والتقاليد، فيستنقصون من قدر أناس هم بنفس مستوى القرابة وهم بمثابة آباء وأمهات لهم ولدى الجميع هذا إن لم يقوموا بالتعبير عن مشاعرهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك...