Saturday, September 10, 2011

عقلنة الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

عقلنة الدين

الإيمان هو إقرار تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح. ففي الأمور الدنيوية مسائل كثيرة وجدت لكي تكون من غير إجابة ولكن للأسف الشديد أن كثير من الناس يقتدي بالفلاسفة كسقراط و أفلاطون و غيرهم. وقد قال تعالى في كتابه الحكيم ( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) والطغيان في اللغة العربية هو مجاوزة الحد. فالله يستدرج من طغى ويزيده حيره وشك وضلال. لأن الجزاء من جنس العمل. فعقلنه الدين بحكم رأيي الشخصي هي بداية لطريق مسدود في هذا الكون. فمن الواجب عدم أخذ الدين بالعقل فقط، ولكن القلب والعقل معاً. فلا نخالف امرأ سماوياً لتعارضه مع العقل، فهنالك أمور من الغيبيات لا يستطيع بل من المستحيل أن يدركها عقل الإنسان لمحدوديته. ومن هذه الأمور، الجنة والنار وعذاب القبر وإلخ... إضافة على ذلك الاختلاف الكبير بين صفات الخالق والمخلوق، فمن المستحيل أن تكون صفات المخلوق كصفات الخالق حتى في الأمور الدنيوية. مثال على ذلك، النجار، النجار مثلا يصنع الباب، ويصنعه من لا شي، أي بمعنى أخر، يخلق الباب. والباب يتكون من القفل والمزلاج والمفاصل، ومن صفات هذا الباب الفتح والغلق والقفل وليس من صفات الباب الأكل والشرب والنوم، بينما هي صفات الخالق.

فعلى سبيل المثال ذلك إبليس عليه لعنة من الله, حينما حكم عقله على قلبه في قوله تعالى - وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشر من صلصال من حمأ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون - وفي الايه الاخرى ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) فهنا إبليس حكم عقله على قلبه بأن النار أكرم من الطين فبالتالي من المستحيل أن يسجد مخلوق من نار لمخلوق من طين. فقال تعالى ( فأخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ) وقد قال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ( لو أن الدين يؤخذ بالرأي لكان غسل باطن القدم أولى من غسل ظاهرها ) فلو أخذ هذا الدين بالعقل فقط لفسد هذا الكون بأجمعه. وأكمل رضي الله عنه ( وقد رأيت رسول الله يمسح على ظاهر خفيه ) رواه أبو داوود. فلو حصل التعارض فلا قيمة للعقل هاهنا لوجود الحكم الشرعي.
 
اختم كلامي بقصيدة لابن ابي الحديد

والله لا موسى ولا عيسى المسيح ولا محمد علموا

ولا جبريل وهو الى محل القدس يصعد ..

كلا ولا النفس البسيطة لا ولا العقل المجرد

للكنه ذاتك غير انك واحد الذات سرمد..

فلتخسأ الحكماء عن حرم له الافلاك سجد..

من انت يا رسطو ومن اصوات قبلك يا مبلد..

ومن ابن سينا حين مر باب بيت له وشيد..

هل انتم الا الفراش رأى الشهاب وقد توقد..
فدنى فأحرق نفسه ولو اهتدى رشدا لأبعد..


المصادر:
تهافت الفلاسفه للغزالي
تهافت التهافت لابن رشد





----


أخيرا، أحب ان انوه اننا لا يمكن ان نغيب العقل أو نضعه في درجة أقل. والإسلام هو دين العقل والمنطق، ولا يمكن دعوة غير المسلمين إلى الإسلام إلا بدعوتهم إلى إحكام عقولهم، والقرآن مليء بالآيات الكريمة التي تحث على التفكر والتدبر ولكن يجب مع تحكيم العقل، التصديق بالقلب.

2 comments:

  1. السلام عليكم أخي العزيز
    انا اجد نفسي أختلف معك في عده نقاط وهي الآتي:
    ١-عندما تتحدث عن وجود أسئله بدون إجابه فإن عدم معرفتنا لاتعني أكثر من أننا لم نجد الإجابات -بَعْد- . وبحكم أن الأنسان كائن فضولي وفضولُه هو ما يميزه عن البقيه من الكائنات فإن من أبسط حقوقه التسآئل والبحث عن أجوبه للأسئله التي تشغُله. والفلسفه عموماً تحاول البحث وإيجاد أجوبه منطقيه لأكثر الأسئله التي أشغلت الإنسان منذٌ بدء الحضارات على الأرض.

    ٢- عقلنة الدين في الغالب لا تكون بسبب رأي شخصي وإنما بسبب تضارب واضح بين الدين والمنطق او بين الدين والإكتشافات الحديثه التي قد تتضارب مع رؤية وتفسير الكتب المقدسه لعالمنا

    ٣- عندما نضع الإيمان في الصوره بجانب العقل ألا ترى بأن هذا قد يعطينا صوره مُشوَّشه عن مايحصل بالواقع أو يؤدي في بعض الحالات الى أن نعتقد بشيء رُغم ثبوت الأدله بأنه خاطئ؟ فمثلاً الكثير من المسحيين يعتقدون بأن الأرض عُمرها ٦٠٠٠ سنه فقط إستناداً الى النصوص الدينيه رُغم ظهور الأدله على أنها أكبر من ذلك* بكثير*؟ إذا كنا سنتخذ القلب والإيمان كطريقه للحُكم على العالم أين نضع الحد الفاصل وأين يقِف الايمان؟

    ٤- النجار لايخلق الباب بل يُغيِّر حالة المواد كالخشب والحديد من حاله الى أُخرى فهو لم يخلقه من العدم


    أعذرني لو أطلت بالإجابه:)

    ReplyDelete
  2. وعليكم السلام أخوي/

    أشكرك على أخذ الوقت وقراءة موضوعي وأشكرك ايضا على الرد الجميل.

    يتضح لي أن ان ما تقوم به انت هو عقلنة الدين ككل وليس عقلنة السلام. فكما هو معروف ان هناك تضاربا صارخا بين مبادئ الديانة المسيحية وبين النظريات العلمية، وهو ما ادى الى نشوء العلمانية فيما بعد. ومن ذلك نظرية دوران الأرض حول الشمس والتي اكتشفها جاليليو جاليلي وحكم عليه بالحرق لولا انه تراجع عن اقوالة والتي تتناقض مع أقوال الكنيسة التي تقول ان الارض هي مركز الكون.
    أما بالنسبة للاسلام فالتعارض بينه وبين النظريات العلمية قليل وان حصل فهو اما لوجود خطأ في النظرية العلمية ( وهذا حصل مع نظريات وفرضيات كثيرة كنظرية داروين ونظرية لون النجوم ) أو السبب الاخر هو تفسيرنا الخاطئ للإسلام.

    اما ما قصدته في نقطة الاسئلة التي لا يوجد لها اجوبة " لا يجب تحكيم العقل في كل شؤون الدين، فكما هو معلوم ان الدين عبارة عن عقائد وشرائع وأحكام وتعاملات. فحيث يستحيل معرفة عقل الانسان لادق التفاصيل الدينية بحكم محدوديته." وبذلك ايضا اقصد الامور التشريعية كالحكمة من عدد ركعات صلاة المغرب او غيرها، فلا اهمية للتفكير في ذلك. وقد لا يكون لذلك سبب الا ان الله عز وجل ارادنا ان نعبده بهذه الطريقة.

    تم اضافة جزء صغير في اخر الموضوع وهو توضيحي فقط

    واشكرك جزيل الشكر...

    ReplyDelete